Meta ترفض تمكين المستخدمين من تعطيل الإعلانات المستهدفة بناءً على محادثات الذكاء الاصطناعي، بينما يحصل المستخدمون في أوروبا على مزيد من السيطرة على محتوى صفحتهم
في خطوة تُظهر تباينًا واضحًا في سياسات الخصوصية بين مناطق العالم، تواصل شركة ميتا (Meta) تطبيق سياسة تُجبر مستخدمي منصة فيسبوك وإنستغرام في الولايات المتحدة على تلقي إعلانات مخصصة تستند إلى محتوى المحادثات التي يجريها المستخدمون عبر مساعدات ذكية اصطناعية، مثل "ميساج" (Meta AI). ورغم التصريحات التي تؤكد التزام الشركة بحماية خصوصية المستخدمين، فإنها ترفض منح المستخدمين الأمريكيين خيارًا لتعطيل هذه الميزة، ما يُعتبر انتهاكًا مباشرًا لحقهم في التحكم ببياناتهم. في المقابل، تتمتع المستخدمين في الاتحاد الأوروبي بقدر أكبر من السيطرة، حيث تُتيح لهم سياسة الخصوصية الأوروبية، المبنية على قانون حماية البيانات العامة (GDPR)، خيار تعطيل التخصيص الإعلاني القائم على المحادثات الذكية. ويشمل هذا الخيار، بحسب ما أعلنت ميتا، إمكانية اختيار "إيقاف استخدام البيانات المستمدة من المحادثات مع الذكاء الاصطناعي لعرض إعلانات مخصصة"، وهو ما لم يُتاح حتى الآن للمستخدمين في الولايات المتحدة. السبب وراء هذا التمايز يعود إلى الفروقات القانونية بين السوق الأمريكي والسوق الأوروبي. في أوروبا، تُفرض قيود صارمة على جمع البيانات الشخصية وتحليلها لأغراض تسويقية، مما يجبر الشركات على تزويد المستخدمين بخيارات واضحة وقابلة للتنفيذ. أما في الولايات المتحدة، فلا يُطبّق قانون موحد لحماية الخصوصية، ما يمنح الشركات مساحة واسعة للعمل ضمن سياسات تُفضّل الربح على الخصوصية. وقد أثار هذا التمييز مخاوف بين خبراء الخصوصية والمستخدمين، الذين يرون أن التمييز في مستوى التحكم يُشكل انتهاكًا لعدم المساواة في الحقوق الرقمية. ورغم أن ميتا تبرر سياساتها بالقول إنها تسعى لتحسين تجربة المستخدم من خلال إعلانات أكثر صلة، إلا أن كثيرين يرون أن هذا التحسين لا ينبغي أن يُبنى على حساب الخصوصية. في سياق متصل، أظهرت دراسات حديثة أن المستخدمين غالبًا ما لا يدركون مدى امتداد جمع البيانات من خلال المحادثات مع الذكاء الاصطناعي، خاصة عندما تُستخدم هذه البيانات لتحديد نمط استهلاكهم وتقديم إعلانات مخصصة. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 60% من المستخدمين في الولايات المتحدة لا يعلمون أن محادثاتهم مع المساعدات الذكية يمكن استخدامها في التسويق. يأتي هذا القرار في ظل تزايد الضغوط على شركات التكنولوجيا الكبرى للشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا في ما يتعلق بالبيانات الشخصية. ورغم أن ميتا أعلنت عن خطط لتحسين وضوح سياسات الخصوصية، فإن الفجوة بين ما تقدمه في أوروبا وما تقدمه في الولايات المتحدة تُظهر أن التقدم في مجال الخصوصية لا يزال يعتمد بشكل كبير على البيئة القانونية، وليس على المبادئ الأخلاقية أو التزامات الشركة. في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستبقى الخصوصية حقًا مُتاحة لمن يعيشون في دول تفرض قوانين صارمة، بينما تُستبعد من نُظم أخرى لا تفرض قيودًا كافية؟ والحل، وفقًا للكثيرين، لا يمكن أن يكون في تحسين واجهات التحكم، بل في إقرار قوانين وطنية موحدة لحماية البيانات في الولايات المتحدة، تضمن عدالة رقمية حقيقية.