انتهاء حادثة كامبريدج أناليتيكا، وفيسبوك توافق على دفع 5 مليارات دولار

ومؤخرا، وافقت المحكمة الفيدرالية رسميا على اتفاق التسوية الذي تم التوصل إليه بين فيسبوك ولجنة التجارة الفيدرالية بشأن حادثة كامبريدج أناليتيكا، وهو ما يعني أن أكبر غرامة في تاريخ أمن الخصوصية دخلت حيز التنفيذ رسميا.
وافقت المحكمة الفيدرالية الأمريكية رسميًا مؤخرًا على اتفاق التسوية الذي تم التوصل إليه بين فيسبوك ولجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) بشأن حادثة "كامبريدج أناليتيكا" التي تسربت فيها بيانات عشرات الملايين من المستخدمين.
ويعني هذا أيضًا أن قضية خصوصية البيانات التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة قد وصلت أخيرًا إلى نهايتها.

وفي الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ رسميا، وافقت شركة فيسبوك على غرامة قدرها 5 مليارات دولار، وستقوم بإجراء التصحيحات المقابلة فيما يتعلق بالأمن والخصوصية.
الحادثة: إساءة استخدام بيانات 87 مليون مستخدم
دعونا نرتب الجدول الزمني:
2015:قام ألكسندر كوغان، وهو باحث في جامعة كامبريدج، بجمع كمية كبيرة من بيانات المستخدمين من فيسبوك باستخدام استبيانات مدفوعة الأجر، ولكن بعد الانتهاء من أبحاثه حول الامتثال، قام بنقل البيانات إلى كامبريدج أناليتيكا.
وبعد اكتشاف ذلك، أرسلت فيسبوك طلبات إلى الطرفين لحذف البيانات، وتلقى كل منهما ردودًا تفيد بأن البيانات تم حذفها، ولكن اكتشف لاحقًا أن كامبريدج أناليتيكا كذبت.
2016:خلال الانتخابات الأمريكية، استخدمت شركة كامبريدج أناليتيكا، التي وظفها ترامب، كمية كبيرة من البيانات التي تم الحصول عليها من فيسبوك لتنفيذ إعلانات سياسية دقيقة وإقناع الناخبين بالتصويت لصالح ترامب.
مارس 2018وكشفت تقارير من وسائل إعلام متعددة أن شركة كامبريدج أناليتيكا لم تحذف البيانات في ذلك الوقت، وأكدت في النهاية أنه تم استخدام ما يصل إلى 87 مليون بيانات لمستخدمي فيسبوك في انتخابات ذلك العام.

وأثارت الحادثة ضجة على الفور، وتعرضت شركة كامبريدج أناليتيكا وفيسبوك لانتقادات من الناس.
وبحلول نهاية الشهر، خضعت شركة فيسبوك، التي تبخرت قيمتها السوقية بمقدار 70 مليار دولار، للتحقيق من قبل لجنة التجارة الفيدرالية، مع التركيز على ما إذا كانت حماية خصوصية المستخدم قانونية ومتوافقة مع القوانين.
مايو 2018:وسط هذه الأخبار السلبية الساحقة، خسرت شركة كامبريدج أناليتيكا عددًا كبيرًا من المستخدمين والأعمال، وفي نهاية المطاف دخلت في تصفية الإفلاس.
يوليو 2019:أعلنت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية عن نتائج التحقيق التي توصلت إليها، مشيرة إلى أن فيسبوك شارك البيانات بشكل خاص مع أطراف ثالثة، وانخرط في عمليات احتيال واسعة النطاق ضلل المستخدمين، ولم يكن لديه سياسة شاملة ومعقولة لحماية الخصوصية والأمان.

ولكن بالنظر إلى أن عملية التقاضي ستكون طويلة ومعقدة، أعلنت لجنة التجارة الفيدرالية أخيرا عن اتفاق تسوية مع فيسبوك.
24 يوليو 2019:أقرت لجنة التجارة الفيدرالية الاتفاقية بأغلبية 3:2 (ثلاثة مفوضين جمهوريين لصالحها واثنان من المفوضين الديمقراطيين ضدها).
وتنص الاتفاقية على ثلاث عقوبات على فيسبوك: غرامة قدرها 5 مليارات دولار، وتعزيز تدابير الامتثال للخصوصية، وإنشاء لجنة مستقلة للخصوصية.

23 أبريل 2020:دخلت اتفاقية التصديق حيز التنفيذ، ووافقت عليها المحكمة الفيدرالية رسميًا، وتم تسوية القضية.
التسوية: 900 مليون مخالفة أدت إلى غرامات ضخمة
لجنة التجارة الفيدرالية هي وكالة فيدرالية تعمل على حماية حقوق المستهلك. ومن بين مسؤولياتها تنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى ووقف السلوكيات التي تضر بالمستهلكين.
كما سجلت هذه الغرامة البالغة 5 مليارات دولار رقماً قياسياً باعتبارها أكبر غرامة في تاريخ لجنة التجارة الفيدرالية. ولكن كيف جاء هذا المبلغ؟

وفقًا لتقرير التحقيق الذي أصدرته لجنة التجارة الفيدرالية في عام 2019، انتهكت شركة فيسبوك المادة 5 من قانون لجنة التجارة الفيدرالية، والتي تتضمن أساس الغرامة:
بعد دخول اتفاقية لجنة التجارة الفيدرالية حيز التنفيذ، خلال فترة الصلاحية، فإن أي فرد أو شراكة أو شركة تنتهك اللوائح سوف تدفع غرامة مدنية لا تزيد عن 10000 دولار لكل انتهاك، وسوف تعود جميع الغرامات إلى حكومة الولايات المتحدة...
ويعتبر كل مخالفة للأمر بمثابة جريمة منفصلة...
وتنتهك سلسلة الإجراءات التي اتخذتها شركة فيسبوك الاتفاق التنظيمي الذي تم التوصل إليه مع لجنة التجارة الفيدرالية في عام 2011، والذي ينص على أنه في كل مرة يشاهد فيها المستخدم صفحة تحتوي على وصف احتيالي، يتم تسجيل ذلك على أنه انتهاك.
وفي قضية كامبريدج أناليتيكا، قررت لجنة التجارة الفيدرالية أن هذه العملية حدثت حوالي 900 مليون مرة، مع غرامة قدرها 5.56 دولار لكل انتهاك، بإجمالي مبلغ مذهل قدره 5 مليارات دولار.

وأكدت لجنة التجارة الفيدرالية أيضًا في الإشعار أن الغرامة غير المسبوقة البالغة 5 مليارات دولار وتشديد الرقابة على فيسبوك ستكون بمثابة رادع جيد و"انتصار تاريخي للمستهلكين الأميركيين".
الجدل: هل غرامة قدرها 5 مليارات دولار قليلة بعض الشيء؟
ورغم أن مبلغ 5 مليارات دولار يعد غرامة كبيرة، إلا أن التسوية تعرضت لبعض الانتقادات. وأشار البعض إلى أن هذا المبلغ صغير للغاية مقارنة بالأرباح الضخمة التي تحققها شركة فيسبوك، وهو ما يجعل مثل هذه الانتهاكات أكثر انعداما للأخلاق.
وبحسب التقرير المالي السنوي لشركة فيسبوك لعام 2019، وصل عدد المستخدمين النشطين شهريا على فيسبوك بنهاية العام الماضي إلى 2.5 مليار مستخدم، مع إيرادات سنوية بلغت 70.7 مليار دولار أمريكي وصافي ربح بلغ 18.5 مليار دولار أمريكي.

وتعادل الغرامة البالغة 5 مليارات دولار 7% من إيراداتها السنوية بالكامل في عام 2019 و27% من الأرباح، وهو ما يعادل إيرادات شهر واحد تقريبًا.
وأشار أحد مفوضي لجنة التجارة الفيدرالية الذي عارض التسوية إلى أن فيسبوك قد كسب أكثر من 5 مليارات دولار من سوء سلوكه في مجال الخصوصية، وأنه إذا وصلت القضية إلى المحكمة، فإن الغرامة النهائية ستكون أعلى بكثير من هذا المبلغ.
ومن الصعب القول ما إذا كان المبلغ الضخم الذي يصل إلى 5 مليارات دولار أميركي يشكل غرامة خفيفة. ولكن شركة فيسبوك، التي تضررت بشدة من حادثة كامبريدج أناليتيكا، تميل بوضوح إلى التوصل إلى تسوية في أقرب وقت ممكن.
وهناك نقطة أخرى مثيرة للاهتمام وهي أنه في اليوم الذي أعلنت فيه لجنة التجارة الفيدرالية وفيسبوك عن التسوية العام الماضي، ارتفع سعر سهم فيسبوك بنسبة 1.81%، وزادت قيمته السوقية بمقدار 10.4 مليار دولار، أي أكثر من ضعف الغرامة.

لذا لا أحد يعلم ما إذا كانت هذه التجربة ستجعل فيسبوك أكثر حذراً.