نظام ذكاء اصطناعي يتعلم من مصادر علمية متنوعة ويُجري تجارب لاكتشاف مواد جديدة
أطلق باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) منصة ذكية جديدة تُسمى "كوبيلوت لعلماء التجارب الواقعية" (CRESt)، تُستخدم لتسريع اكتشاف مواد جديدة من خلال دمج معلومات متعددة المصادر مع تجارب آلية وذكاء اصطناعي متقدم. تتميز المنصة بقدرتها على تحليل بيانات من مصادر متنوعة مثل الأدبيات العلمية، التركيب الكيميائي، الصور المجهرية، ونتائج التجارب، بالإضافة إلى التفاعل الطبيعي مع الباحثين دون الحاجة إلى كتابة أكواد. النظام يعتمد على نموذج تعلم نشط متعدد الوسائط، يجمع بين تحليلات النصوص العلمية، وبيانات التجارب الحقيقية، وتحليلات الصور عبر نماذج لغوية بصرية، مما يسمح له باتخاذ قرارات تجريبية ذكية. يُستخدم نظام روبوتي متكامل يضم أجهزة لمعالجة السوائل، ونظام صدمة كربونية لتصنيع المواد بسرعة، وأجهزة تحليل كهروكيميائية ومجاهر آلية، كلها قابلة للتحكم عن بُعد. عند طلب الباحثين من النظام تطوير مادة جديدة، يبدأ "التناغم الروبوتي" بتحضير العينات، وتحليلها، واختبار أدائها، مع إرسال النتائج تلقائيًا إلى النموذج لتحسين التوصيات المستقبلية. أظهر النظام فعاليته في تطوير مواد مُحفِّزة لخلايا الوقود من نوع "الوقود المباشر بملح الفورميت"، حيث استكشَف أكثر من 900 تركيبة كيميائية خلال ثلاثة أشهر، وحقق مادة مُحفِّزة مكوَّنة من ثمانية عناصر، أظهرت تحسينًا بنسبة 9.3 مرة في كثافة الطاقة لكل دولار مقارنة بالباليديوم النقي، مع استخدام فقط ربع كمية المعادن الثمينة المستخدمة سابقًا. كما سجّل النظام كثافة طاقة قياسية في خلية وقود تعمل فعليًا. أحد التحديات الرئيسية التي واجهها الباحثون كانت تكرار النتائج، حيث يمكن أن تؤثر عوامل دقيقة مثل طريقة خلط المواد على النتائج. لحل هذه المشكلة، دمج الفريق نماذج رؤية حاسوبية ونماذج لغوية بصرية مع معرفة علمية مسبقة، ما سمح للنظام بمراقبة التجارب بالكاميرات، واكتشاف انحرافات صغيرة (مثل تغير بحجم مم في شكل العينة)، واقتراح حلول عبر نصوص أو صوت، مما عزز دقة التجارب. رغم كفاءة النظام، يؤكد الباحثون أنه لا يحل محل الباحث البشري، بل يعمل كمساعد ذكي يُقدّم تفسيرات، ويطرح فرضيات، ويُحسّن التفاعل العلمي. كما أن النظام يُدرّب نفسه باستمرار من خلال دمج ملاحظات البشر ونتائج التجارب، مما يُحسّن كفاءة التعلم النشط على المدى الطويل. النتائج تُظهر إمكانات كبيرة لاستخدام أنظمة ذكاء اصطناعي متعددة الوسائط في حل تحديات الطاقة والمواد، خاصة في مجالات تتطلب تطوير مواد مُحفِّزة فعّالة واقتصادية. وتشير الدراسة، التي نُشرت في دورية ناتشر، إلى خطوة مهمة نحو "مختبرات ذاتية القيادة" قادرة على التعلم والتكيف في بيئات بحثية معقدة.