ريدت تسعى لاتفاق أفضل مع جوجل: مستخدمون وعوائد مقابل محتوى ذكي
بعد عام ونصف من توقيع اتفاقية تمويل بقيمة 60 مليون دولار سنويًا مع جوجل، تتجه منصة ريدит مجددًا إلى مفاوضات جادة لتحسين شروط التعاون، وفقًا لمصادر من بلومبرغ. تسعى المنصة إلى تأمين صفقة أكبر، لا فقط من حيث المبلغ المالي، بل أيضًا من حيث التأثير الاستراتيجي في النظام البيئي الذكاء الاصطناعي لجوجل. الهدف الرئيسي: تحويل محتوى ريدит – الذي يُعدّ من أكثر المصادر ثراءً وموثوقية في الإنترنت – إلى دافع حقيقي لزيادة التفاعل والمشاركة، بدلاً من أن يُستهلك ببساطة دون عائد مباشر. الواقع أن ريديت تُعدّ موردًا نادرًا في عالم البيانات الرقمية. محتواها يُنتج من قبل مستخدمين حقيقيين، يتحدثون بصراحة، ويتناولون مواضيع متنوعة ومصنفة بدقة حسب الموضوعات، مع تصنيف يعتمد على التصويت البشري وليس خوارزميات تلقائية. هذه الخصائص تجعله مادة مثالية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، خاصة في مواجهة ما يُعرف بـ"النفايات الرقمية" التي تملأ الإنترنت. وتشير البيانات إلى أن ريديت هو الموقع الأكثر ذكرًا من قبل أدوات الذكاء الاصطناعي مثل بيربليكس و"إيه آي أوفرفيوز" التابعة لجوجل، بل إن إضافة كلمات مثل "reddit" إلى استعلامات البحث أصبح تقنية شائعة لاستخراج إجابات أكثر دقة. لكن التحدي الأكبر يكمن في التوازن بين الاستفادة من البيانات وحماية مصدرها. فبينما تُستخدم مشاركات ريديت لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، تُرى المنصة تفقد زوارًا ونشاطًا، إذ يغادر المستخدمون بعد الحصول على إجابة مستخرجة من منصتها، دون العودة لمشاركة أو تفاعل. هذا يخلق دورة مفرغة: كلما زاد استخدام محتوى ريديت في الذكاء الاصطناعي، قلّت الحركة على المنصة، مما يهدد بفقدان المحتوى الذي يُعدّ أساسًا للذكاء الاصطناعي نفسه. لذلك، تسعى ريديت إلى تطوير نموذج تسعير ديناميكي للبيانات، يعتمد على القيمة الفعلية للمحتوى بالنسبة للنماذج. بمعنى أن الشركات مثل جوجل وآبل أو أوبن أيه آي قد تدفع مبالغ أكبر مقابل محتوى يُستخدم في إجابات حاسمة أو ذات تأثير كبير، بينما تُدفع مبالغ أقل لبيانات أقل تأثيرًا. هذا النموذج يُعدّ محاولة لتعويض التوازن بين الربح والحفاظ على السرعة والجودة. المحور الجوهري في هذه المفاوضات يكمن في مفارقة الذكاء الاصطناعي: الشركات العملاقة تحتاج إلى محتوى منصات مثل ريديت لبناء نماذج قوية، لكنها في الوقت نفسه تُضعف هذه المنصات من خلال استهلاك محتواها دون تعويض كافٍ. ريديت، بفضل طبيعتها الفريدة، تمتلك ميزة نسبية في المفاوضات، وترى أن شروطها الحالية لا تعكس القيمة الحقيقية لمحتواها. التحدي الآن ليس فقط المبلغ، بل التأثير على مستقبل المحتوى المُنتج من قبل البشر – وهو ما يُعتبر جوهرًا في حماية الإنترنت من التحول إلى بيئة تُدار بالكامل من قبل الآلات.