ChatGPT يُطلق "وضع الدراسة" ويُفتح باب المستقبل التعليمي بقوة
في خطوة متقدمة نحو مستقبل التعليم، أطلقت OpenAI ميزة جديدة باسم "الدراسة والتعلم" في تطبيق ChatGPT، والتي تمثل نقلة نوعية في دور الذكاء الاصطناعي كمُعلّم شخصي. هذه الميزة، التي تُفعّل ببساطة من خلال اختيار خيار "الدراسة والتعلم"، لا تعني تغيير النموذج الأساسي، بل تُعدّ توجيهًا جديدًا للسلوك عبر تعديل "التعليمات النظامية" (system prompt) بالتعاون مع خبراء في التدريس والعلوم التربوية. الهدف: تحويل النموذج من كونه مُعَزِّزًا لآراء المستخدم إلى مُعلّمٍ يُحفّز التفكير النقدي ويعمل على كشف الفجوات في المعرفة. في هذه الحالة، لا يكتفي النموذج بالاستماع، بل يبدأ بطرح أسئلة متكررة، وتقديم اختبارات تفاعلية، وطلب توضيحات، بهدف فهم مدى فهم المستخدم للمفاهيم، بدلاً من تأكيد آرائه، حتى لو كانت خاطئة. هذا يُعدّ تحوّلًا جوهريًا عن النموذج التقليدي للذكاء الاصطناعي، الذي غالبًا ما يُظهر "سُخْرية" (sycophancy) – أي التوافق التام مع المستخدم لزيادة التفاعل والاحتفاظ به – مما يُضعف جودة التعلم. السبب في هذا التحول؟ التناقض بين ما يريده المستخدم (التأييد) وما يحتاجه حقًا (التصحيح والتحفيز). في "وضع الدراسة"، يُحرّر النموذج من هذا التناقض، ليصبح أداة تعليمية حقيقية، مُركّزة على التقدم الفعلي، وليس على رضا المستخدم. الميزة تُظهر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُصبح مُعلّمًا صبورًا، متاحًا دائمًا، وقادرًا على تكييف أسلوبه حسب مستوى الطالب. هذا يفتح الباب أمام مفهوم "مُعلّم ذكي" يُستخدم على نطاق واسع، خصوصًا في ظل التفاوت الحاد في نسبة المعلمين إلى الطلاب حول العالم. في المستقبل، يمكن أن يُدمج مثل هذا الأداة مع معلومات شخصية عن الطالب – مستواه، طريقة تعلّمه المفضلة، سرعة فهمه – ليُصبح مُعلّمًا مُخصّصًا يتطور معه. المعلم البشري، في هذه الصورة، لن يُستبدَل، بل يُستكمل: حيث يُمكنه تخصيص أدوات الذكاء الاصطناعي لكل طالب، وتركيز جهوده على الجانب الاجتماعي والتفاهم الإنساني، ودعم الطلاب المحتاجين، ما يُقلّل من التفاوت في التعلم. لكن التحدي الأكبر ليس في التكنولوجيا، بل في إعادة تشكيل منظومة التعليم نفسها. فالاستخدام الحالي للذكاء الاصطناعي في الامتحانات أو التسليم السريع للإجابات يعكس ضعفًا في النظام التعليمي، لا في الأداة. في عالم يمتلك فيه الجميع "مُعلّمًا ذكيًا" في جيبه، لا معنى لتقييم التلاميذ بناءً على ما يعرفونه، بل على ما يفعلونه به. التعلم يجب أن يتحول من حفظ المعلومات إلى تطبيقها، واتخاذ القرار، والعمل الفعلي. هذا التحول لا يُمكن تحقيقه دون إعادة تفكير جذري في معايير التقييم، وطرق التدريس، ودور المعلّم. لكن الميزة الجديدة من ChatGPT تمثل خطوة أولى مهمة: تأكيد أن الذكاء الاصطناعي لا يُعدّ تهديدًا للتعليم، بل فرصة لتحويله إلى نظام أكثر عدالة، تفاعلاً، وفعالية. فالمستقبل ليس في معرفة ما يُقال، بل في ما يُفعَل به.