Thomas Dohmke يتحدث عن Copilot، وتقنيّة البرمجة بالحس، ومستقبل الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات

في ظل التحول الجذري الذي يشهده مجال تطوير البرمجيات بفضل الذكاء الاصطناعي، يُعدّ توماس دوهمكي، الرئيس التنفيذي لشركة GitHub، أحد أبرز الأصوات المؤثرة في هذه الثورة. منذ لقاءه الأخير مع برنامج "Decoder" قبل عام، تحوّل المشهد بشكل كبير، حيث انتقلت الاهتمامات من تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي في بيئة متكاملة مثل GitHub Copilot، إلى ظهور مفهوم "البرمجة بالشعور" أو ما يُعرف بـ"vibe coding"، الذي يعتمد على تفاعل أسرع وأكثر انسيابية بين المطورين والذكاء الاصطناعي عبر منصات جديدة مثل Cursor وWindsurf. في مقابلته الحالية، يُظهر دوهمكي وعيًا عميقًا بالتحديات والفرص التي تفرضها هذه التطورات. فهو لا ينكر أن Copilot، الذي طوّرته GitHub بالتعاون مع OpenAI، كان نجمًا في بداية الموجة، لكنه يرى الآن أن الابتكار لا يقف عند نقطة واحدة. ويؤكد أن المنافسة القوية التي تفرضها منصات جديدة تُعدّ عاملاً حيويًا لدفع الذكاء الاصطناعي نحو التحسن المستمر، مشيرًا إلى أن "الذكاء الاصطناعي لا يتطور بذاته، بل بفضل التحديات التي تفرضها المنافسة". على صعيد المطورين، يُحلّل دوهمكي كيف ستتغير طبيعة العمل في المستقبل. فالوظائف التقليدية التي تعتمد على كتابة كود مفصل ومتكرر بدأت تتراجع، فيما تزداد أهمية المهارات الاستراتيجية: مثل صياغة الأسئلة الدقيقة، وفهم النتائج، واتخاذ قرارات تصميمية مبنية على فهم عميق للسياق. ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن المطور، بل شريكًا يُمكنه تقليل العبء وزيادة الإنتاجية، ما يسمح للمهندسين بالتركيز على الجوانب الأكثر إبداعية والقيمة. من الجوانب العملية، يُبرز دوهمكي تقدم GitHub في إطلاق أدوات جديدة، مثل أداة إنشاء تطبيقات باستخدام الذكاء الاصطناعي في نسخة تجريبية، والتي تُسهّل على المطورين تحويل الأفكار إلى تطبيقات واقعية بخطوات بسيطة. كما يُشير إلى أن ما يصل إلى 30% من الكود في بعض مشاريع مايكروسوفت يُكتب حاليًا بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يعكس انتشارًا واسعًا للتقنية داخل أكبر الشركات التقنية. وفي سياق مثير للاهتمام، يتحدث دوهمكي عن تجربته كرئيس تنفيذي لـGitHub كشركة مستقلة ضمن مايكروسوفت، حيث يُقدّر هذا النموذج بـ"الاستقلالية الاستراتيجية"، ما يسمح له بالابتكار بسرعة دون التضحية بالموارد أو التوجهات طويلة المدى. ويؤكد أن هذا الهيكل يُعزز القدرة على التفاعل مع السوق، مع الحفاظ على الشراكات الاستراتيجية القوية. في النهاية، يُطرح سؤال جوهري: متى سأكون مستعدًا لتجربة "البرمجة بالشعور"؟ دوهمكي يجيب بواقعية: "ليس بعد اليوم، لكن في غضون بضع سنوات، ستكون هذه الطريقة طبيعية تمامًا". فالتحول ليس فقط تقنيًا، بل ثقافيًا أيضًا. وعندما يصبح الكود مكتوبًا بذكاء اصطناعي، فإن المهمة الحقيقية للمطور ستكون التحكّم في هذا الذكاء، واتخاذ القرار الصحيح، وضمان الجودة، والأخلاقيات.