نماذج ذكاء اصطناعي تُحسّن محاكاة الديناميات المحيطية الإقليمية

أظهرت دراسة حديثة قيادة باحثين من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، بالتعاون مع مختبر تكنولوجيات التكامل في شركة فوجيتسو وفريق من جامعة نورث كارولاينا، أن النماذج الذكية الاصطناعية يمكنها محاكاة ديناميكيات المحيطات الإقليمية بدقة أعلى من النماذج التقليدية، خاصة في حالة خليج المكسيك. تُعد هذه المنطقة حيوية اقتصاديًا وبيئيًا، حيث تُسهم في إنتاج الطاقة، والتجارة البحرية، والسياحة، وتحتاج إلى نماذج دقيقة للتنبؤ بالظواهر مثل الدوامات الكبيرة والامواج العاتية التي تهدد منصات النفط. تُعَد النماذج التقليدية، القائمة على الفيزياء، هي المعيار الذهبي في الصناعة، لكنها تتطلب موارد هائلة من الحوسبة، وتكون بطيئة نسبيًا، وغالبًا ما تفتقر إلى الدقة في التنبؤات قصيرة المدى. في المقابل، تُظهر النماذج الذكية الاصطناعية قدرة على التنبؤ بسرعة تصل إلى 100,000 مرة أسرع، لكنها كانت تعاني من "الهلوسة" – أي انحراف النموذج عن السياقات الفيزيائية الواقعية عند التمديد على فترات طويلة. حلّ الباحثون هذه المشكلة من خلال تصميم نموذج ذكي يعتمد على تحليل مزدوج: يبدأ بتحليل "شامل" للمنطقة من مستوى دقة 8 كيلومترات، ثم يُستخدم لتحسين الدقة إلى 4 كيلومترات عبر تقنية تُسمى "التنقيح التوافقي" (downscaling)، مشابهة لتحسين جودة الصورة. وتم ضمان الالتزام بالقوانين الفيزيائية من خلال تضمين قيود فيزيائية صارمة في مرحلة النمذجة الأولية، وهو ما سمح للنظام بمحاكاة ديناميكيات 10 سنوات دون أي انحرافات غير ممكنة. أظهر النموذج نتائج متفوقة على النماذج التقليدية في التنبؤات قصيرة المدى (مثل التنبؤ بـ30 يومًا)، كما أثبت كفاءته في التمديد الطويل دون فقدان الدقة. وقد ساهمت جهود الطالب الجامعي لينارد لوبين جيمينيز في تطوير هذه الميزة، تحت إشراف باحثين من فوجيتسو. التعاون بين الأكاديميا والصناعة كان محوريًا، حيث تم تصميم النظام ليكون خفيفًا وسريعًا، مما يسمح بتضمينه في منصات بحرية، مثل السفن أو محطات المراقبة. الهدف ليس فقط إنتاج نماذج بحثية، بل تطوير أدوات قابلة للاستخدام الفعلي من قبل مهندسين أو مسؤولين في الميناء أو في إدارة الرحلات البحرية، حتى لو لم يكونوا خبراء في الذكاء الاصطناعي أو الفيزياء. يُعد هذا العمل نقلة نوعية في تطبيق الذكاء الاصطناعي في العلوم الأرضية، ويُظهر توجهًا متزايدًا نحو نماذج ذكية تتفوق على النماذج التقليدية، مع الحفاظ على التوافق مع القوانين الفيزيائية. ويشير الباحث الرئيسي آشيش تشاتوباديا إلى أن هذه النتائج تمثل مثالًا على التحول الجوهري في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لحل تحديات علمية معقدة، خاصة في مجالات مثل تدفق التيارات البحرية العالمية.