كيف تكافح ويكيبيديا المحتوى الرديء الناتج عن الذكاء الاصطناعي
مع انتشار أدوات الكتابة بالذكاء الاصطناعي، واجهت ويكيبيديا موجة هائلة من المحتوى المُولَّد آليًا، يحتوي على معلومات خاطئة واقتباسات مزيفة، ما دفع المجتمع التطوعي للمحررين إلى التحرك بسرعة للتصدي لهذا التهديد. وصف مارشال ميلر، مدير المنتج في مؤسسة ويكيميديا، هذه الجهود بأنها "استجابة مناعية" تشبه كيفية تكيف الجهاز المناعي مع تهديدات جديدة. ويؤكد أن المحررين يبقون حذرين لضمان حيادية المحتوى وموثوقيته، خاصة مع تطور الإنترنت وظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي. أحد الحلول الفعّالة التي اعتمدها المحررون هو تطبيق قاعدة "الحذف السريع" للمقالات غير الجيدة، حيث يُسمح للمشرفين بحذف المقالات مباشرة دون مناقشة مطولة إذا كانت واضحة أنها مُولَّدة آليًا ولم تُراجع من قبل المُرسل. ويُعدّ هذا الإجراء مفيدًا جدًا، إذ يُقلل من الوقت الضائع في إصلاح المحتوى الخاطئ الذي يتركه الذكاء الاصطناعي. وذكر محرر أنهم "مُغمَرون باستمرار بمسودات سيئة"، وأن الحذف السريع يوفر ساعات عديدة من الجهد. لكن الحذف السريع لا يعتمد فقط على الشكوك. فمُحررو ويكيبيديا يبحثون عن مؤشرات محددة، مثل استخدام زائد للشرطة الطويلة (—)، أو تكرار عبارات مثل "علاوة على ذلك"، أو استخدام لغة ترويجية مبالغ فيها مثل "مذهلة". كما ينتبهون لمشاكل تنسيقية مثل استخدام علامات اقتباس منحنية أو علامات تشكيل غير صحيحة. ومع ذلك، يوضح موقع ويكيبيديا أن هذه العلامات لا تكفي وحدها لتحديد أن المقال مُولَّد آليًا، بل يجب تقييمها ضمن سياق أوسع. كما تم إطلاق مشروع "تنظيف الذكاء الاصطناعي" (WikiProject AI Cleanup) لتصنيف المحتوى المُولَّد آليًا، مع تجميع قائمة بالأنماط الشائعة التي تميزه. ورغم أن مؤسسة ويكيميديا تُدير المنصة، إلا أنها لا تُحدد سياسات المحتوى، ما أدى إلى خلافات مع المحررين حول استخدام الذكاء الاصطناعي. ففي يونيو، أوقفت المؤسسة تجربة عرض ملخصات مُولَّدة آليًا في أعلى المقالات بعد انتقادات شديدة من المجتمع. لكن المؤسسة لا تعارض الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل ترى أنه أداة محتملة للمساعدة، بشرط استخدامها بشكل صحيح. يرى ميلر أن الذكاء الاصطناعي يُنتج محتوى منخفض الجودة بكميات كبيرة، لكنه يمكن أن يُسهم في دعم المحررين إذا تم توظيفه بذكاء. فمثلاً، تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي حاليًا للكشف عن التحريرات التخريبية، وستُدمج أدوات جديدة لمساعدة المحررين في المهام المتكررة والترجمة. كما تعمل المؤسسة على تطوير أداة غير مبنية على الذكاء الاصطناعي تُسمى "فحص التعديل" (Edit Check)، التي تساعد المساهمين الجدد على الالتزام بالسياسات، مثل تذكيرهم بإضافة مصادر أو التحقق من الحياد في النبرة. وستُضاف إليها ميزة "فحص اللصق" (Paste Check)، التي تسأل المستخدمين إن كانوا قد كتبوا النص بأنفسهم، أو نسخوه من مصدر خارجي. واقتراحات من المحررين تشمل طلب تحديد النسبة المئوية من المحتوى المُولَّد آليًا، لتعزيز الشفافية. يؤكد ميلر أن تركيز المؤسسة الحالي يكمن في دعم المحررين لتقديم مساهمات بنّاءة، ومساعدة المراقبين على التركيز على التغييرات المهمة، وليس على المحتوى الخبيث فقط.