تقنية ثورية من MIT تستخدم الموجات المليمترية لتصوير الأشياء داخل الصناديق بدقة تصل إلى 96%
في مجال التكنولوجيا والابتكار، تمكن باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) من تحقيق تقدم كبير بتطوير تقنية تصوير جديدة تعتمد على استخدام الموجات المليمترية (mmWave). هذه الموجات، التي تتراوح بين 30 إلى 300 غيغاهرتز وتبلغ طول موجتها من 1 إلى 10 مليمترات، تتميز بقدرتها على اختراق العقبات الشائعة مثل الحاويات البلاستيكية والجدران الداخلية، مما يمكنها من إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد دقيقة للأجسام المخفية. رغم أن الموجات المليمترية قد تم استخدامها في العديد من التطبيقات التقنية مثل روبوتات الفرز وأجهزة الواقع المعزز والأجهزة الذكية للمنزل، فإن الطرق الحالية لتفسير الإشارات المرتدّة من هذه الموجات تعاني من نقص في الدقة. ومع ذلك، قدم فريق البحث من MIT حلاً مبتكرًا يُعرف باسم mmNorm، وهو أسلوب يعتمد على تحليل الموجات المليمترية بشكل دقيق لتحقيق إعادة بناء ثلاثية الأبعاد أكثر كفاءةً. وقد حققت هذه التقنية دقةً تصل إلى 96٪ في إعادة بناء أكثر من 60 نوعًا مختلفًا من الأشياء اليومية في أكثر من 110 تجربة حقيقية، وهي نسبة تفوق بكثير الطرق السابقة التي كانت تحقق دقةً تتراوح حول 78٪. واحدة من التحديات الرئيسية التي واجهها فريق البحث في بداية مشروعهم كانت التعامل مع خاصية انعكاس الإشارات على السطوح. حيث اكتشفوا أن معظم السطوح التي تتعرض لإشارات الرادار المليمتري تُعكس إشارة الرادار كأنها مرآة، وبالتالي فإن الإشارة تعود إلى جهاز الاستقبال فقط عندما يكون السطح موازيًا لموجة الإرسال. هذا يعني أن الإشارات المنبعثة من سطوح موجهة باتجاهات مختلفة لا يتم التقاطها بشكل صحيح. لمعالجة هذه المشكلة، قام فريق MIT بتطوير خوارزمية متطورة ضمن نظام mmNorm قادر على تحليل زوايا الانعكاس وأوقات الرحلة الطفيفة والتغيرات الدقيقة في الإشارة، مما يتيح له تقدير اتجاه السطح (المسماة "المتجه السطحي") بكل دقة. يقوم النظام بتجميع هذه المعلومات من نقاط متعددة في الفضاء، مما يتيح له إعادة بناء النموذج الثلاثي الأبعاد للأجسام بشكل دقيق ومعقد. لاختبار فعالية هذه التقنية، قام الباحثون بتثبيت جهاز الرادار على ذراع روبوت آلي يدور حول الجسم المخفي ويجمع البيانات من مختلف الزوايا. ومن خلال مقارنة قوة الإشارة المستقبلة في مواقع مختلفة، يمكن للنظام تقدير منحنى السطح، حيث تكون الإشارات المرتدّة من الأسطح الموازية لأجنة الرادار أقوى من تلك القادمة من الأسطح الموجهة بزوايا مختلفة. يعتبر هذا الإنجاز خطوة هامة نحو توسيع نطاق استخدام تقنيات إعادة البناء ثلاثية الأبعاد عالية الدقة في مجموعة متنوعة من المجالات. على سبيل المثال، يمكن للروبوتات الصناعية استخدام هذه التقنية لتحديد موقع وأشكال الأدوات الدقيقة داخل صناديق الأدوات، مما يعزز قدرتها على التعامل مع بيئات العمل المعقدة. كما يمكن دمجها مع أجهزة الواقع المعزز لتقديم صور ثلاثية الأبعاد واضحة للأجسام المخفية، مما يساعد العمال في المنشآت الصناعية على القيام بمهامهم بشكل أكثر فعالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدامها في مجالات الأمن والكشف عن الأجسام المخفية بمستويات عالية من الدقة. على الرغم من الإنجازات المهمة التي حققتها تقنية mmNorm، إلا أنها ما زالت تعاني من بعض القيود، مثل عدم قدرتها على اختراق الجدران السمكة أو المعادن. ومع ذلك، يعتزم الباحثون مواصلة تحسين النظام من خلال التركيز على تحسين أداء التصوير للأشياء ذات معدل الانعكاس المنخفض، تعزيز قدرة الاختراق عبر العقبات الأكثر سمكًا، وتحسين الدقة العامة للنظام. كما أكدت الباحثة لورا دودز، وهي مساعدة بحث في MIT وأحد مؤلفي الدراسة، أن "هذه الدراسة جعلتنا نعيد النظر في كيفية فهمنا للموجات المليمترية وكيفية استخدامها في عمليات إعادة البناء ثلاثية الأبعاد، ونأمل أن تساهم هذه الأفكار الجديدة في تحقيق تأثيرات أوسع في مجال التكنولوجيا." تعد هذه التقنية بمثابة ثورة في مجال التصوير ثلاثي الأبعاد، وتفتح الباب أمام فرص جديدة ومبتكرة في التطبيقات الروبوتية والواقع المعزز والأمن الصناعي والعسكري.🎉