علماء يوسعون دقة تحرير الجينات بدمج الذكاء الاصطناعي مع تقنية CRISPR
أعلن فريق بحثي بقيادة جامعة زيورخ عن تطور علمي مهم في مجال التعديل الجيني، من خلال دمج تقنية تعديل الحمض النووي الشهيرة CRISPR مع قدرات الذكاء الاصطناعي. النتيجة هي أداة جديدة تُعدّ أكثر دقة وكفاءة في تعديل الجينات، وفقًا لما نُشر في مجلة "نيتشر بيوتكنولوجي". تُعدّ تقنية CRISPR أداة ثورية في مجال الهندسة الوراثية، إذ تسمح للعلماء بتعديل جزئيات محددة من الحمض النووي بسهولة نسبية. ومع ذلك، تظل التحديات قائمة، خاصة فيما يتعلق بتجنب التأثيرات الجانبية غير المرغوبة، مثل التعديلات غير المقصودة في مواقع أخرى من الجينوم. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي. قام الباحثون بتطوير نموذج ذكاء اصطناعي مُدرّب على ملايين البيانات الجينية، يُمكنه التنبؤ بدقة بسلوك نظام CRISPR عند تطبيقه على تسلسلات حمض نووي معينة. من خلال تحليل أنماط التفاعل بين البروتينات المعدلة وسلسلة الحمض النووي، تمكن النموذج من تحديد أفضل موضع للتعديل، وتحسين كفاءة التفاعل، وتقليل الاحتمالات الممكنة للأخطاء. النتائج أظهرت أن الأداة الجديدة تحقق دقة أعلى بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالأساليب التقليدية، مع تقليل التأثيرات الجانبية بشكل ملحوظ. كما أثبتت فعاليتها في خلايا بشرية وفي نماذج حيوانية، ما يفتح الباب أمام تطبيقات علاجية واعدة، خصوصًا في معالجة الأمراض الوراثية مثل مرضي التليّف الكيسي، ومرض هنتنغتون، والاعتلالات العصبية الناتجة عن طفرات جينية. من أبرز ميزات هذا النظام أنه يمكن تكييفه بسرعة لتطبيقات مختلفة، بفضل قدرته على التعلم المستمر من بيانات جديدة. هذا يعني أن الباحثين يمكنهم استخدامه في تطوير علاجات مخصصة لكل مريض بناءً على تركيبه الجيني الفريد. الدراسة تُعدّ خطوة كبيرة نحو تحقيق التوازن بين القوة والدقة في التعديل الجيني، وتعزز من مصداقية استخدام تقنيات التعديل الجيني في السياقات السريرية. ويعتقد الباحثون أن هذه المنهجية قد تُصبح جزءًا أساسيًا من الأدوات الضرورية في الطب الدقيق، خاصة مع التقدم المتسارع في فهم الجينوم البشري. التعاون بين الذكاء الاصطناعي والهندسة الوراثية يُظهر كيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تتجاوز حدود القدرة البشرية في التحليل والتنبؤ، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام الأبحاث العلمية والعلاجات المستقبلية.