خياطة آلية تُشفّر خطوط التوتر الشبيهة بالجلد في الأقمشة، مُمهّدة الطريق لملابس قابلة للتخصيص الجماعي
أظهر باحثون من جامعة تارتو في إستونيا طريقة ثورية لتحويل التطريز الآلي من وسيلة زخرفية إلى أداة لبرمجة الخصائص الميكانيكية للنسيج، مما يمكّن من إنتاج ملابس قابلة للتخصيص على نطاق صناعي. اعتمد الفريق على مبدأ التشابه بين النسيج والجلد، حيث يعتمد كلاهما على ترتيب الألياف لتحديد مرونتها. فكما أن تجاعيد الجلد وتكثيف الألياف في مناطق معينة تسمح بامتداد موجه، استخدم الباحثون خيوطًا غير مطاطية على قماش مرن، وشكلوها بخيوط مزدوجة على شكل "أزواج زِيج زَاج" لتكوين "أشرطة ممتصة للتوتر"، تُشبه الربيع النسيجي. باستخدام خياطة زِيج زَاج، تمكّن هذه الأشرطة من التمدد حتى تصبح مستقيمة، حيث يُحدّد مدى التمدد بعرض الزاوية في الخيط. ثم رُصّت هذه الأشرطة في نمط مثلثي مُكرر، حيث تُربط كل خيط بآخر بعقد متشابكة تمنع التمدد أو التفكك. النتيجة: نسيج مكوّن من آلاف "الربيع النسيجي" الصغير، كل منها يتحكم بحدّ التمدد الخاص به، مما يسمح ببرمجة مرونة موجهة بدقة تصل إلى 7 مم. لجعل التصميم عمليًا، طوّر الباحثون مكتبة برمجية باستخدام بايثون، تُحوّل الصور الرسترية إلى أنماط خياطة، حيث تُستخدم قنوات الألوان الثلاثة (أحمر، أخضر، أزرق) لتحديد خصائص كل مثلث في الشبكة. هذا يسمح للمصممين بـ"رسم" المرونة كما يرسمون الصور، دون الحاجة إلى معرفة تقنية معقدة. النتيجة: نسيج يُحاكي خصائص الجلد الحي، حيث يمتد في اتجاهات معينة دون تقييد الحركة في أخرى. أُثبت هذا في نموذج حذاء مصنوع من قطعة واحدة مُطبوعة بالكامل بالخياطة، يحتوي على أكثر من ألف وحدة وحوالي 20 ألف خيط. أظهر الحذاء تطابقًا ممتازًا مع قدم المستخدم، حيث يُقلّل من الترهل حول الكعب ويدعم الحركة دون قيد حركة الأصابع. يُعتبر هذا النهج ثوريًا لأنه يدمج البرمجة الميكانيكية مع التصميم البصري، حيث تصبح التعليمات البرمجية مرئية في نمط الخياطة نفسه، مما يخلق "جلدًا ثانويًا" يتفاعل مع الجسم بشكل طبيعي. كما أن النسيج يُظهر سلوكًا يشبه الشبكة العصبية، حيث تتفاعل الوحدات الصغيرة معًا لتكوين استجابة متكاملة، مثل التفاعل مع قوى الأرض أثناء المشي. هذا التطور لا يُعدّ حلاً للحذاء فحسب، بل يمتد إلى ملابس رياضية، دعامات علاجية، وأسطح هندسية تتطلب مرونة متدرجة. وبفضل استخدام آلات خياطة شائعة ومواد متاحة، يُمكن تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع دون تكاليف عالية، مما يفتح الباب أمام ملابس ذكية، مخصصة لكل فرد، ومتعددة الوظائف، وجميلة من حيث الشكل والوظيفة معًا.