تكاليف الخفاء: كيف تأثر المراكز البياناتية بالمياه والكهرباء في الولايات المتحدة في ظل الثورة الذكاء الاصطناعي
تكاليف الحقيقية للذكاء الاصطناعي تُظهر المباني المُستطيلة الباهتة اللون، التي تُحيط بها الشاحنات الضخمة، حقيقة جهود الشركات التكنولوجية في بناء مراكز البيانات التي تُغذي الثورة الرقمية الحديثة. هذه المراكز، والتي تُعد جزءًا أساسيًا من البنية التحتية لأكبر الشركات التقنية، تقوم بمعالجة كميات هائلة من البيانات والحوسبة اللازمة للذكاء الاصطناعي. في تشايان، ويومنغ، هناك العديد من هذه المراكز التي تعمل على مدار الساعة لتحقيق رؤية مستقبلية قائمة على الذكاء الاصطناعي. وفقًا لتحليل أجرته "بيزنس إنسايدر"، فإن شركات التكنولوجيا مثل أمازون ومايكروسوفت ومايتا وجوجل تسعى لإنفاق ما لا يقل عن 320 مليار دولار خلال العام الحالي على بنية تحتية ومعدات، معظمها موجهة للذكاء الاصطناعي. فقد تم تحديد 1,240 مركز بيانات في الولايات المتحدة حتى نهاية العام الماضي، وهو ما يقارب أربع مرات العدد الموجود في عام 2010. كثير من هذه المراكز يُبنى لتحفيز الذكاء الاصطناعي، والذي يُعتبر رهانًا كبيرًا على إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي بمليارات الدولارات. التأثير البيئي والاجتماعي استهلاك المياه: تعتمد مراكز البيانات على مياه الري المُبردة لخفض درجة حرارة الوحدات المعالجة للرسومات (GPUs) التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي. ومع زيادة الطلب على هذه التقنية، ارتفع استهلاك المياه بشكل كبير. في عام 2018، استهلكت مراكز البيانات في الولايات المتحدة 34 مليار جالون من المياه سنويًا، وهي الكمية التي تُعادل استهلاك ولاية كاليفورنيا خلال يوم واحد. اليوم، وصل العدد إلى ضعف ما كان عليه في عام 2018، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على المناطق التي تعاني من شح المياه، مثل مقاطعة ماريكوبا في أريزونا، التي تحتوي على 48 مركز بيانات وتُصنف كمنطقة تعاني من شح المياه الشديد. استهلاك الكهرباء: يُقدر أن مراكز البيانات في الولايات المتحدة قد تستهلك قريبًا أكثر من الكهرباء التي استهلكتها بولندا في عام 2023، والتي يبلغ عدد سكانها 36.6 مليون نسمة. يتوقع الفيدراليون أن هذا الاستهلاك قد يزيد ثلاثة أضعاف خلال الثلاث سنوات القادمة. هذا الطلب الكبير سيؤدي إلى تشغيل محطات توليد الكهرباء القديمة والملوثة، مُعرِّضًا البيئة للخطر وعدم الالتزام بالالتزامات المناخية. التكلفة الصحية والاقتصادية: يُقدر أن الانبعاثات الناجمة عن محطات توليد الكهرباء التي تغذي مراكز البيانات ستسبب تكاليف صحية تتراوح بين 5.7 مليار و9.2 مليار دولار سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، تمنح الحكومات المحلية الشركات التكنولوجية الكبرى إعفاءات ضريبية ضخمة تصل إلى مليون دولار أو أكثر لكل وظيفة طويلة الأمد، في محاولة لتحويل مدنها إلى مراكز تقنية عالية الدخل. ردود الفعل والحلول موقف الشركات: تؤكد الشركات التكنولوجية أنها تسعى جاهدة لتخفيف الآثار السلبية على البيئة، من خلال الاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة، ودعم مشاريع حماية المياه، وبناء تقنيات أكثر كفاءة. على سبيل المثال، في تشايان، يتم بناء مزرعة شمسية ضخمة بجانب مئات التوربينات الريحية لتوفير الطاقة لمراكز البيانات. تقييم الخبراء: يرى الخبراء في مجال التكنولوجيا أن هذه الاستثمارات الضخمة قد تكون مُجدية في المدى الطويل إذا تحقق الهدف المنشود من الذكاء الاصطناعي. يمكن لهذه التقنية أن تُحدث تحولات هائلة في مجالات مثل الرعاية الصحية، التعليم، والصناعات الأخرى. ومع ذلك، إذا فشلت هذه التقنية في تحقيق النتائج المرجوة، فستكون هناك تكلفة باهظة على البيئة والمجتمع. نبذة عن الشركات أمازون: تصدر أمازون القائمة في الاستهلاك المحتمل للطاقة، حيث يُقدر أن استهلاكها من الكهرباء سيصل إلى 30-48 تيراواط ساعة سنويًا إذا قامت ببناء جميع مراكز البيانات التي خططت لها. هذا الاستهلاك يُعادل تقريبًا ما استهلكته ولاية نيفادا في عام 2023. جوجل ومايتا: لم ترد جوجل ومايتا على طلبات "بيزنس إنسايدر" بشأن تقديرات استهلاك الطاقة لمراكز البيانات. في حين أكدت مايكروسوفت أن مراكز البيانات لديها لا تعمل دائمًا بكامل طاقتها المثبتة. الخلاصة رغم الإمكانيات الهائلة التي تقدمها تقنية الذكاء الاصطناعي، فإن التكلفة البيئية والاقتصادية لهذه البنية التحتية تُشكل مصدر قلق كبير. هناك حاجة ماسة للبحث عن حلول أكثر استدامة، مثل استخدام تقنيات التبريد الهوائي المُحسنة والطاقة المتجددة، لضمان أن تكون هذه الثورة التكنولوجية مُفيدة للمجتمع والبيئة على حد سواء. إذا نجحت هذه الجهود، فقد يكون التوازن في الحساب نهائيًا. وإذا فشلت، فسنواجه تكاليف باهظة لمستقبل لم يتحقق.