بناء أنظمة ذكاء اصطناعي جاهزة للإنتاج: نظرة متعمقة في بنية AIOps وLLMOps
إطلاق نظم الذكاء الاصطناعي الجاهزة للإنتاج يُعد تحديًا أصعب بكثير من البحث العلمي. في المختبرات، تُدرَّب النماذج في بيئات نظيفة ومحكومة، حيث تُقاس النتائج بدقة على مجموعات بيانات محددة. لكن في العالم الحقيقي، تواجه النماذج بيئات غير مستقرة: تتسرب البيانات، تتغير توزيعات الميزات، تفشل خطوط المعالجة، وتتراوح أحمال العمل بشكل مفاجئ. هذا ما دفع إلى ظهور مفهومي AIOps (لأنظمة التعلم الآلي العامة) وLLMOps (لنماذج اللغة الكبيرة)، اللذين يُعنىان بتشغيل النماذج في ظروف حقيقية. ما يميز AIOps عن DevOps التقليدي هو التحدي المستمر في تفكيك الفرضيات. فبينما تعمل الخدمات التقليدية بشكل ثابت بعد النشر، تفقد النماذج قيمتها بمرور الوقت بسبب تغير البيانات عن التوزيع الذي تم تدريبها عليه. لذلك، يتطلب تشغيل الذكاء الاصطناعي نظم ديناميكية تُدار عبر دورة كاملة: من جمع البيانات وتدريب النموذج، إلى تقديم الخدمة، والمراقبة، وتحديد الانحرافات، ثم إعادة التدريب. تبدأ البنية التحتية القوية بمعالجة البيانات. في البيئة الإنتاجية، لا يمكن الاعتماد على بيانات ثابتة. لذا يُبنى متجر الميزات (Feature Store) كأساس، يُوفر واجهة موحدة للتدريب والتشغيل. يُخزن التدريب في مخازن بيانات مثل BigQuery أو Snowflake، بينما تُقدَّم الميزات في الوقت الفعلي عبر أنظمة مثل Redis أو DynamoDB. الفصل بين هذه الطبقتين ضروري لتفادي تناقضات بين التدريب والتشغيل. يتم تنفيذ عمليات التحويل باستخدام خطوط معالجة مُعرّفة بشكل تصريحي (مثل Apache Beam أو Airflow)، مع توثيق كل خطوة وتجريبها كأي كود برمجي. على سبيل المثال، إذا كان النموذج يحسب "متوسط المعاملات للعميل خلال 30 يومًا"، يجب أن يكون هذا الحساب قابلاً للتكرار في كل مرحلة. في التدريب، يُضمن التكرار من خلال أدوات مثل MLflow أو Weights & Biases، التي تُسجّل كل عنصر: الكود، المعلمات، إصدار البيانات، وبيئة التشغيل. هذا يُمكّن من التراجع بدقة عند حدوث مشكلة، بدلًا من التخمين. يتم تكليف أنظمة مثل Kubeflow أو Argo Workflows بتشغيل خطوط التدريب تلقائيًا عند توفر بيانات جديدة، مما يُقلل الاعتماد على التدريب اليدوي. في التوزيع، تُستخدم Kubernetes مع إطار عمل مثل KServe أو BentoML لتوفير واجهات تنبؤية. لا يكفي تشغيل نموذج واحد في كل وحدة؛ بل يتطلب تحسينات مثل التجميع (batching)، التوسع التلقائي حسب استخدام GPU، وتقسيم الحمل بين نماذج كبيرة وصغيرة. في التطبيقات اللغوية، تُستخدم نماذج مُختزلة لطلبات بسيطة، بينما تُرسل الطلبات المعقدة إلى النموذج الأصلي، مما يوازن بين التكلفة والدقة. المراقبة لا تقتصر على زمن الاستجابة أو التوقف. يجب رصد "انحراف البيانات" (feature drift) و"انحراف المفهوم" (concept drift) باستخدام مقاييس إحصائية مثل Divergence KL أو JSD. عند الكشف عن انحراف، يُفعّل تدريب جديد تلقائيًا. في حالة نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، تبرز تحديات جديدة: إدارة النطاق (context)، التوليد المدعوم بالاسترجاع (RAG)، والتحصين من الأخطاء (guardrails). تُستخدم قواعد بيانات متجهة لاسترجاع حالات احتيال حديثة، بينما تُطبَّق نماذج للكشف عن التحيز أو التوليد غير الموثوق. تُحسَّن الكفاءة من خلال تقنيات مثل التقطيع (quantization)، التوليف (distillation)، والتقسيم (sharding)، مع استخدام وحدات مخصصة مثل Tensor Cores وخدمات مثل Triton لتحسين الأداء. في دراسة حالة لشركة مالية، يُدمج نموذج تعلم آلي مع نموذج لغة كبير للكشف عن الاحتيال. يتم مراقبة التغيرات في أنماط الاحتيال، ويُفعّل إعادة تدريب تلقائي، مع تجربة النموذج الجديد على جزء صغير من الحركة (canary deployment). إذا أظهر تحسنًا في الكشف دون زيادة في الإنذارات الخاطئة، يُنشر تلقائيًا. الخلاصة: نجاح الذكاء الاصطناعي في الإنتاج لا يعتمد على التصميم المعماري، بل على الهندسة الخفية: التكرار، المراقبة، المرونة، والتكيف. من خلال AIOps وLLMOps، تتحول النماذج من أبحاث إلى أنظمة حية، قادرة على التطور والبقاء في بيئة حقيقية، مُحققة قيمة مستدامة، لا مجرد نتائج مختبرية.