GPT-5 يُحدث تأثيرًا في السوق المؤسسية رغم فشله لدى المستهلكين

بعد ثلاث سنوات من انتشار ChatGPT كظاهرة ثقافية، يتحول تركيز سام ألتمان وشركة OpenAI نحو السوق المؤسسي، حيث تكمن المكاسب الحقيقية. وعلى الرغم من أن إطلاق GPT-5 للمستخدمين العاديين شهد تراجعًا في التفاعل، بسبب تجربة غير سلسة وردود فعل سلبية، إلا أن النموذج بدأ يثبت قيمته في القطاع المؤسسي، وهو المكان الذي يسعى OpenAI لاستعادة التفوق فيه. رغم العودة إلى نموذج GPT-4 لمستخدمي الخدمة المدفوعة، فإن GPT-5 لم يكن موجهًا للجمهور المستهلك، بل كان جزءًا من استراتيجية مكثفة لاستهداف الشركات. خلال أسبوع واحد من إطلاقه، أصبح النموذج الافتراضي في منتجات رائدة مثل Cursor وVercel وFactory، التي أشادت بسرعة التهيئة، وتحسين الأداء في المهام المعقدة، وانخفاض التكلفة مقارنة بالمنافسين. شركات مثل Box، التي تختبر GPT-5 على وثائق طويلة وصعبة من حيث المنطق مثل عقود الإيجار وخطط تطوير المنتجات، أشادت بأداء النموذج، ووصفها الرئيس التنفيذي آرون ليفي بأنه "ثورة" في القدرة على التفكير المنطقي، متجاوزة ما كان ممكنًا في النماذج السابقة. أما في مجال البرمجة، فقد أظهرت منصات مثل Qodo وVercel أن GPT-5 يتفوق في اكتشاف الأخطاء الحرجة، مثل الثغرات الأمنية، ويتفوق في التفكير التسلسلي والمهام متعددة الخطوات. مما يعزز هذا التقدم هو التحول في التسعير، حيث أصبحت تكلفة التشغيل (inference) أقل، مما يشجع الشركات على تجريب مهام أكثر تطورًا دون خوف من التكاليف. وفقًا لجوليان غرينبرغ من Factory، فإن المرونة السعرية أصبحت العامل الحاسم في اختيار النموذج. في المقابل، تواصل شركة Anthropic، المنافسة الرائدة، توسّعها في السوق المؤسسي، حيث تُستخدم نماذج Claude في منصات مثل Amazon Prime وAlexa، وتمتد إلى قطاعات مثل الصناعة الدوائية والطيران والخدمات المهنية. وتشير مصادر مطلعة إلى أن إيراداتها المؤسسية نمت 17 مرة خلال عام، وحققت 3 مليارات دولار في ستة أشهر فقط، مع تضاعف عدد الصفقات بقيمة 8 إلى 9 أرقام. رغم هذا التقدم، تظهر مؤشرات قوية على تقدم OpenAI في المجال المؤسسي. فقد ارتفع استخدام واجهة برمجة التطبيقات (API) الخاصة بـ GPT-5 أكثر من الضعف في المهام البرمجية، وارتفع استخدامه في التفكير المنطقي بأكثر من 8 أضعاف. كما أن الطلب على المهام التخطيطية والمنطقية المعقدة يرتفع بسرعة. في النهاية، يشير التحول في تفضيلات الشركات إلى أن الأداء والسعر بدأا يهيمنان على القرار، وربما يُعيدان تشكيل توازن القوة في سوق الذكاء الاصطناعي المؤسسي. مع تأسيس فريق مبيعات مؤسسي يضم أكثر من 500 شخص، وتمكّن OpenAI من العمل بشكل مستقل عن مايكروسوفت، فإن الصراع على التفوق في السوق المؤسسي بدأ يأخذ منحنى جديد، حيث لا يهم ما يراه المستخدم العادي، بل ما يمكن أن يحققه النموذج في عالم العمل الحقيقي.