الذكاء الاصطناعي يقلص حركة الزوار البشريين على ويكيبيديا

تواجه ويكيميديا، المنظمة غير الربحية التي تدير ويكيبيديا، تراجعًا ملحوظًا في عدد الزيارات البشرية إلى الموقع، حيث سجلت انخفاضًا بنحو 8% خلال الأشهر الأخيرة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقًا لبيان نشره مارشال ميلر، المدير التنفيذي لمنتجات ويكيميديا. جاء هذا التراجع بعد تعديل في طريقة التمييز بين الزيارات البشرية والروبوتات، بهدف تحسين فهم حركة القراء الفعلية وفرض قيود على استغلال البيانات من قبل الروبوتات التابعة لشركات تجارية أو أدوات الذكاء الاصطناعي. أظهر التحديث أن ما كان يبدو في البداية زيادة غير مسبوقة في الزيارات من البرازيل كان في الواقع ناتجًا عن أنشطة روبوتية، ما أبرز التحديات المزمنة في مراقبة حركة المستخدمين الحقيقية. واعتبر ميلر أن هذا الانخفاض لا يُعد مفاجئًا، موضحًا أن التحول في سلوك البحث عن المعلومات يعود إلى تأثير الذكاء الاصطناعي والمنصات الاجتماعية، حيث أصبحت محركات البحث تقدم إجابات مباشرة على صفحات النتائج، غالبًا ما تستند إلى محتوى ويكيبيديا دون إرسال المستخدمين إلى الموقع الأصلي. هذا التوجه يُعدّ تهديدًا مباشرًا لاستدامة ويكيبيديا، إذ يحذر ميلر من أن انخفاض الزيارات قد يؤدي إلى تراجع في عدد المتطوعين الذين يساهمون في كتابة المقالات وتحديثها، ما يهدد جودة المحتوى. كما قد ينعكس سلبًا على التبرعات الفردية التي تمثل مصدرًا رئيسيًا للتمويل، خاصة في ظل تراجع الاهتمام العام بالمنصة. تُعدّ الوضعية مُريرة من حيث التناقض: فالعديد من نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة تعتمد على محتوى ويكيبيديا في تدريبها، لكنها في الوقت نفسه تُسهم في تقليل حركة الزيارات إليها. ولهذا، تدعو ويكيميديا الشركات والمنصات التي تستخدم محتواها — مثل نماذج اللغة الكبيرة، والمحادثات الآلية، ومحركات البحث، والمنصات الاجتماعية — إلى اتخاذ خطوات لتعزيز التدفق العائد إلى ويكيبيديا. من أجل مواجهة التحدي، تعمل المنظمة على تحسين سياسات الوصول إلى محتواها، وتطوير معايير واضحة للتذكير بالمرجع، وضمان استخدام البيانات بشكل مسؤول ومستدام. كما تجرب ويكيميديا استراتيجيات جديدة لجذب الشباب عبر منصات مثل يوتيوب وتيك توك وروبلوكس وإنستغرام، من خلال محتوى تفاعلي مثل الفيديوهات والألعاب والروبوتات التفاعلية. ولم تُعلن ويكيميديا عن معارضة للذكاء الاصطناعي، بل على العكس، أطلقت هذا الشهر مشروع "إدراج بيانات ويكي" (Wikidata Embedding Project)، الذي حول نحو 120 مليون نقطة بيانات مفتوحة من ويكي بيانات إلى صيغة سهلة الاستخدام للنماذج الكبيرة. الهدف هو تمكين الذكاء الاصطناعي من الوصول إلى بيانات دقيقة ومجانية، ما يعزز دقة إجاباته ويُسهم في تقوية العلاقة بين المصدر الأصلي والمستخدم النهائي.