كيف يمكن إصلاح نظام المراجعة العلمية المُثقل بالعمل؟
تواجه منظومة المراجعة العلمية، التي تعد حجر الزاوية في نشر الأبحاث وتمويلها، أزمة متفاقمة ناتجة عن زيادة هائلة في عدد الطلبات مقارنة بتوفر المراجعين. يُعد مطياف MUSE المرتبط ب望遠鏡 Very Large Telescope في تشيلي مثالاً على هذا التحدي: مع تجاوز طلبات وقت الملاحظة 3000 ساعة لدورة ملاحظات تمتد من أكتوبر إلى أبريل، يصبح من المستحيل تلبية الطلب، حتى مع كون الأداة تُشبه "ماكينة الزمن الكوني". استجابةً لهذا الضغط، اضطرت المنظمة الأوروبية الجنوبية (ESO) إلى إعادة توزيع المهمة على المتقدمين أنفسهم، حيث يُطلب من كل فريق مراجعة طلبات منافسة، وهو ما يُعد تحوّلاً جوهرياً في نموذج المراجعة الموزعة. هذه التحوّلات ليست حديثة، لكنها تُفاقم بفعل تضاعف عدد المنشورات العلمية، خصوصاً بعد جائحة كوفيد-19. وتشير بيانات من منصة Publons إلى أن المحررين يضطرون لإرسال عدد متزايد من الدعوات للحصول على مراجعات، مع ارتفاع متوسط وقت المراجعة من 140 يوماً في 2014 إلى 149 يوماً اليوم. كما أظهرت دراسة لشركة IOP Publishing أن نصف الباحثين الذين شاركوا في استبيان 2024 أفادوا بزيادة في عدد طلبات المراجعة التي يتلقونها خلال السنوات الثلاث الماضية، رغم تحسن التحفيز النسبي. لحل هذه الأزمة، تجربة عدة حلول. بعض المجلات بدأت بدفع مكافآت للمراجعين: ففي تجربة نُشرت هذا العام، زادت نسبة قبول الدعوات من 48% إلى 53% عند دفع 250 دولاراً لكل تقرير، مع تقليل وقت المراجعة من 12 إلى 11 يوماً، دون التأثير على الجودة. أما مجلة Biology Open التابعة لمؤسسة غير ربحية في بريطانيا، فقد نجحت في تقليل المدة إلى 4.6 يوم عمل فقط، بدفع 295 دولاراً لكل مراجعة، مع توقع استجابة خلال أربعة أيام. ورغم التحديات المالية، تسعى المجلة إلى تمويل هذه العملية دون رفع رسوم النشر على الباحثين. من جهة أخرى، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوسيع قاعدة المراجعين عبر أدوات تُستخدم قواعد بيانات مثل Scopus لاختيار مراجع حسب التخصص. كما يُشجع على "المراجعة المشتركة"، حيث يُسند مراجعة مقال إلى باحث متمرس وآخر في مراحله الأولى، ما يُدرّب الأخير ويزيد من عدد المراجعين المؤهلين. إضافة إلى ذلك، تُعد المراجعة المُنظمة (structured peer review) أحد الحلول الفعالة. فقد أظهرت تجربة Elsevier أن استخدام تسعة أسئلة محددة في المراجعة زاد من توافق المراجعين في تقييماتهم من 31% إلى 41%، كما شجع المراجعين على طلب مراجعة متخصصة في الجوانب الإحصائية أو النمذجة. وتشجع هذه المنهجية على شفافية المراجعة، حيث تدعو بعض المجلات إلى نشر التقارير المراجعة مع المقالات، ما يعزز المسؤولية ويُحسّن الجودة. في المقابل، يحذر بعض الخبراء من أن التوسع في المراجعين قد يقلل من جودة التقييم، ما يدفع إلى توازن دقيق بين الكمية والجودة. ورغم أن المراجعة الموزعة والتحفيز المالي تُظهر نتائج واعدة، فإن الحل المستدام يكمن في إعادة تقييم الأنظمة الحالية، وتوسيع المساهمة العلمية من خارج الدول الغربية، ودمج التكنولوجيا مع التحفيز الحقيقي، لضمان استدامة نظام يُعدّ أساساً للثقة في العلم.