هل تجعلنا الذكاء الاصطناعي أقل ذكاءً؟ دراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تكشف الحقيقة المعقدةخلفية دراسة تربط بين استعمال أدوات مثل ChatGPT وتراجع قدرات التفكير النقدية عند البالغين.
هل تجعل تقنية الذكاء الاصطناعي الإنسان أقل ذكاءً؟ يجيب تشاتجيبيتي، ولكن الحقيقة أكثر تعقيدًا دراسة حديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تدعي أن تقنية الذكاء الاصطناعي تثبط التفكير النقدي للبشر. ولكن هل أصبحنا حقاً معتمدين بشكل مفرط على أدوات مثل تشاتجيبيتي، أم أنها مجرد حالة من الهلع التقني الجديد؟ هذا سؤال يستحق النظر والتأمل بشأن العلوم، العادات، والقدرة البشرية على الاختيار. في هذه الدراسة التي تعتبر جديرة بالاهتمام، تم تقسيم خمسة وأربعين شخصًا تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عامًا إلى ثلاث مجموعات. كانت المجموعة الأولى تكتب مقالات قصيرة باستخدام تشاتجيبيتي فقط، بينما كان بإمكان المجموعة الثانية الاستعانة بموقع جوجل للبحث عن المعلومات، أما المجموعة الثالثة فقد طُلب منها إنجاز المهمة دون أية مساعدة خارجية. تناولت المواضيع التي تم كتابة المقالات عنها مواضيع معقدة مثل الأخلاق، الخيارات الأخلاقية، الأسئلة الفلسفية والاجتماعية. خلال كتابة المشاركين لهذه المقالات، تم مراقبة نشاط الدماغ لديهم في الوقت الحقيقي باستخدام تقنية التصوير الكهربائي القشرة الدماغية (EEG) لمعرفة ما يحدث فعليًا في عقولهم. النتائج الأولية للدراسة تشير إلى وجود وجهة نظر متشائمة: فقد أظهر الذين استخدموا تشاتجيبيتي انخفاضًا في مستوى نشاط الدماغ. ومع ذلك، فإن هذه النتائج تحتاج إلى النظر فيها بعناية أكبر. فالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إكمال المهام يمكن أن يكون مفيدًا في بعض الحالات، حيث يوفر وقتًا وجهدًا، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى تقليل استخدام المهارات الذهنية مثل التفكير النقدي والتحليلي. هذا يثير تساؤلات حول مدى فعالية واستدامة استخدام هذه الأدوات في الحياة اليومية. من المهم أيضًا أن نتذكر أن هذه الدراسة قد تكون محدودة في نطاقها وأطرها. فقد لا تكون النتائج قابلة للتطبيق على جميع السياقات والأعمار. كما أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار، مثل نوع المهمة، والخبرة السابقة للمشاركين في استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، ومدى ملاءمة الأداة للموضوع الذي يتم العمل عليه. بدلاً من القفز إلى استنتاجات مبكرة، يجب علينا أن ننظر إلى هذه النتائج كفرصة للتفكير في كيفية تحسين استخدامنا للذكاء الاصطناعي. قد يكون من المفيد تطوير استراتيجيات تعليمية جديدة تجمع بين مزايا أدوات الذكاء الاصطناعي وتطوير المهارات الذهنية لدى الطلاب. كما يمكن للشركات والمؤسسات أن تعيد النظر في طريقة استخدامها لتقنية الذكاء الاصطناعي لضمان تحقيق التوازن بين الكفاءة والتطور المعرفي للموظفين. في النهاية، يظل الإنسان هو العنصر الرئيسي في أي عملية تتعلق بالذكاء والتعلم. فرغم التطورات المتلاحقة في مجال الذكاء الاصطناعي، لا يمكن لهذا الأخير أن يحل محل الفرد تمامًا في اتخاذ القرارات الصعبة أو تحليل المواقف المعقدة. لذا، فإن الهدف يجب أن يكون الاستفادة من هذه التقنيات بطريقة تكمل قدراتنا البشرية بدلاً من تقليلها. بينما تستمر المناقشات حول تأثير الذكاء الاصطناعي على التفكير البشري، يجب علينا أن نحافظ على منظور شامل وموضوعي. فالتكنولوجيا هي أداة، وقيمتها تعتمد على كيفية استخدامنا لها. إذا استخدمنا الذكاء الاصطناعي بحكمة، فإنه يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للابتكار والمعرفة. ولكن إذا استسلمنا للاعتماد المفرط عليه، فقد نخسر بعض مهاراتنا الذهنية الأساسية. باختصار، فإن دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تثير أسئلة مهمة حول العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. ولكن الإجابة ليست بسيطة؛ بل تتطلب التفكير العميق والتحليل الدقيق لضمان الاستفادة القصوى من هذه التقنيات مع الحفاظ على قدراتنا العقلية. في النهاية، القرار في أيدينا، والعقل البشري لا يزال هو المفتاح الرئيسي للتقدم والتطور.