نظام ذكاء اصطناعي جديد يتنبأ بتفاعلات كيميائية بدقة بفضل احترام القوانين الفيزيائية
أظهر فريق بحثي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نهجًا جديدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتنبؤ نتائج التفاعلات الكيميائية بدقة أعلى، وذلك بدمج مبادئ فيزيائية أساسية مثل حفظ الكتلة والشحنة الإلكترونية في النموذج. وتمت مشاركة النتائج في عدد من مجلة ناتشر في 20 أغسطس، بقيادة الباحث كونور كولي، الأستاذ المُعدّل في قسمي الهندسة الكيميائية والهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب بـ MIT، بالتعاون مع باحثين سابقين وطلاب، من بينهم جونيونغ جونغ، نائب أستاذ في جامعة كوكمين بكوريا الجنوبية. يُعدّ التنبؤ بنتائج التفاعلات الكيميائية أمرًا حاسمًا في مجالات مثل تطوير الأدوية والاكتشافات الموادية، لكن النماذج السابقة، مثل نماذج لغة كبيرة (LLMs) مثل ChatGPT، كانت تعتمد على تنبؤات دون التزام بقوانين الفيزياء، مما يؤدي أحيانًا إلى إنشاء ذرات أو حذفها، وهو أمر غير ممكن في الواقع الكيميائي. وفقًا لجونغ، فإن هذا يشبه "الكيمياء التخيلية" بدلاً من العلم الدقيق. لحل هذه المشكلة، استخدم الفريق طريقة قديمة من عصر السبعينيات طوّرها الكيميائي إيفار أوجي، تُعرف بتمثيل المصفوفة الإلكترونية للروابط، لتمثيل الإلكترونات والروابط في التفاعل. بناءً عليها، طوّروا نموذجًا جديدًا يُسمى FlowER (تطابق التدفق لإعادة توزيع الإلكترونات)، الذي يراقب كل الإلكترونات والذرات خلال التفاعل، ويضمن عدم إنشاء أو حذف أي عناصر، مما يضمن حفظ الكتلة والشحنة. يُعدّ تمثيل المصفوفة، الذي يُستخدم فيه القيم غير الصفرية لتمثيل الروابط أو أزواج الإلكترونات الحرة، أحد العناصر الأساسية في نجاح النموذج. وتم تدريب النموذج على أكثر من مليون تفاعل كيميائي مستمدة من قواعد بيانات براءات اختراع أمريكية، لكنه ما زال يفتقر إلى معرفة التفاعلات التي تتضمن معادن أو محفزات، وهو ما يُعدّ الاتجاه التالي للتطوير. على الرغم من أنه في مرحلة تجريبية، أظهر النموذج أداءً مُتفوقًا أو مُعادلًا للنماذج الحالية في التنبؤ بالمسارات الميكانيكية للتفاعلات، مع إمكانية التعميم على تفاعلات غير مسبوقة. ويُمكن استخدامه في مجالات متعددة، من الكيمياء الدوائية إلى التفاعلات الكهروكيميائية والاحتراق. ما يميز هذا النهج هو أن النموذج لا يخترع المسارات الميكانيكية من الصفر، بل يستمدها من بيانات تجريبية موثقة، مما يعزز مصداقيتها. كما تم إتاحة النموذج والبيانات مفتوحة المصدر عبر منصة GitHub، بما في ذلك مجموعة بيانات سابقة أعدّها جونغ تُفصّل خطوات التفاعلات المعروفة، مما يجعلها متاحة للباحثين حول العالم. يُقرّ الفريق بأن العمل ما زال في بدايته، لكنه يُعدّ خطوة مهمة نحو فهم أعمق للآليات الكيميائية، وربما اكتشاف تفاعلات جديدة. والخطوة التالية تتركز على توسيع قدرة النموذج لفهم التفاعلات المعدنية والمحفزات، وهي مجالات لم تُغطَ بعد بشكل كافٍ. ويُتوقع أن يكون لهذا النموذج أثر كبير على تطوير التفاعلات الكيميائية في المستقبل، بدعم من مبادرة التعلم الآلي للاكتشاف الدوائي والتركيب، ومؤسسة العلوم الوطنية.